البشارة الأولى:
ما بُشرنا به في كتاب الله وسنة رسوله r اختُصت به هذه الأمة. وفلسفة البشارة في الاسلام هي الخبر السعيد الذي يبلغك به المُبلِّغ الأول فإذا جاءك بهذا الخبر شخص ثاني فهو ليس مبشراً لأنه سبق لغيره أن بشّرك به.والبشارة مأخوذة من تباشير الصباح أو بشائر الصباح أي بدايات الفجر الذي ينبئ عن طلوع الصباح قريباً والصباح يترك بهجة في النفوس وكذلك بشائر النخيل أول ما ينضج وهكذا كل خبر سار تسمع به لأول مرة يسمى بشارة لأنه يجعل بشرة الانسان فرِحة مبتهجة.
تأخذ البشارة مكانها ومكانتها من أن المبشَّر به قد يكون خبراً غير متوقع (فبشرناه بغلام عليم) لم يكن ينتظر ابراهيم أن يأتيه ولد، وقد يكون الخبر المبشر به صعب المنال (فبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم)، وقد يكون عظيماً عظمة مميزة (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات). والبشارة تطلق مجازاً على الخبر السيء من باب التهكم به (وبشر المنافقين) (وبشر الذين كفروا بعذاب أليم) بشارة سوء. والبشرى (اولئك لهم البشرى) هي الشيء الذي يأتي به البشير للمبشَر.
لماذا سمي r بشيراً ومبشراً؟ أطلق عليه الوصف لأنه ما من نبي بشّر أمته بما بشّر به r هذه الأمة وجاء بأخبار سارة في ديننا ودنيانا وأخرانا ممت يدخل الفرحة على قلب المؤمن وهذا لم يحصل لأي أمة من أي نبي ولو أن البعض بشّر أمته لكن في الغالب كان الانذار أكثر من البشارة. قال تعالى (وأرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً) (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) والأمة المسلمة غالب عليها التبشير. البشير فقط لهذه الأمة والأمم السابقة خلا فيها نذير فقط لذا حلّ بها العذاب وبقيت هذه الأمة تبشَّر بالرفعة في الدنيا والآخرة.
ونبي هذه الأمة r بشير بعد أن كان مبشِّراً وصار بشيراً لكثرة ما بشّر به أمته غلب عليه صفة التبشير فصار التبشير صفة فصار بشيراً.
والقرآن كتاب المصطفى وسَمته مع أمته بشيراً ونذيراً والقرآن حمل هذه الصفات (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لُدّا) فالتبشير والانذار هما هدفا القرآن الكريم فهو تبشير للمتقين الموحّدين الذين يستحقون البشائر العديدة والتي تزيد عن 200 بشارة في القرآن وفي المقابل الانذار لغير المؤمنين وغير الموحدين. وهذه الأمة خُصّت بالبشائر لأنها الأمة الوحيدة الموحّدة التي تمحّص التوحيد ولهذا استحقت هذه البشائر.
***********************
البشارة الثانية:
يقولون: والضدُّ يُظهر حسنه الضِّدُ. فالأمر يختلف بين أن تبشر رجلاً سعيداً ورجلاً مكروباً من حيث تأثير البشارة فالبشارة يتضاعف أثرها عندما تقع على رجل يعاني معاناة شديدة. وما من ساعة من ساعات الانسان أشد معاناة من ساعة الاحتضار وهي التي يفكر فيها كل انسان وينظر اليها نظرة مرعبة ويتحاشاها. في هذه الساعة المخيفة والتي تملأ خيالنا رعباً في كل أدوار حياتنا وترتجف فيه القلوب تتنزّل عليك الملائكة ببشارة تجعل الأحاسيس في غاية السعادة والفرح (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ان لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون) أن لا تخاف مما هو قادم ولا تحزن على ما تركت من أموال وأولاد لأن الله تعالى سيملأ قلبك رضى بما هو قادم وينزع حب الدنيا منه وأبشر بالجنة التي أُعدّت للمؤمنين وأنت من المؤمنين. (ربنا الله) ما من أمة تُحسن هذه الكلمة كأمة الاسلام ولم يعد هناك أمة تأخذ بهذه الكلمة إلا هذه الأمة فهي الأمة الوحيدة الموحدة لله تعالى فما عليك إلا أن تستقيم ورأس الاستقامة الصلاة فإذا صلّى المسلم بالمحافظة عليها من النقائض والمحافظة عليها تكون بالمداومة عليها في مكانها (المسجد) وتأديتها في اوقاتها وحسن كوعها وسجودها فإذا فعل المسلم ذلك فقد ولج باب الاستقامة التي توصله لهذه البشارة العظيمة في أحلك ساعات عمره.
دقة الآيات (قالوا ربنا الله ثم استقاموا) التوحيد اولاً والعمل ثانياً ويجب أن يكون مستقيماً وسطياً يبدأ بالصلاة نؤديها ونحافظ عليها ونداوم عليها ونقيمها في أماكنها اي المساجد ويعتبر من أهل المساجد من يؤدي الصلوات فيها إلا إذا حبسه حابس هذا الانسان يترقى فيصبح من أهل هذه البشارة لأنه من حسُنت صلاته فقد ولج باب الاستغفار ويوصله الى ما يريد (تتنزل عليه الملائكة) قال تعالى تتنزل ولم يقل تنزل لأن تنزل تعني نزولها مرة واحدة وهو نزول ملك الموت أما تتنزل فتعني أن هناك ملائكة أخرى يستبشرون ويبشرون ويتنزّلون ويتناوبون على الانسان المحتضر يواكبونه من ساعة الاحتضار الى أن يستقر في الجنة ويؤنسون وحشته في البرزخ (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه) ويراقبونه الى أن يدخل الجنة (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
والآية في سورة فصلت تبين أن الله تعالى الذي له مئة رحمة رحمة واحدة فقط هي التي تحيا بها كل المخلوقات على الأرض وكل من في قلبه رحمة على الآخر انما هي جزء من هذه الرحمة الواحدة وكل رحمات الله تعالى على عباجه منها وادّخر سبحانه 99 رحمة للآخرة وتبدأ هذه الرحمات في التعامل مع المؤمن الذي قال ربي الله ثم استقام منذ ساعة الاحتضار الى أن يستقر في الجنة فماذا يمكن أن تفعل الرحمات التسع والتسعون في نفس المحتضر؟ وقد قال r في الحديث الشريف: " ما من مؤمن يموت يودّ أن يرجع الى الدنيا لما يرى من سعة رحمة الله عز وجلّ".
***************
البشارة الثالثة:
في كتاب الله آيات أو بعض آيات أو بعض آية تحمل للأمة بشارة عظيمة وكأنها بل هي منحة من الله تعالى ونفحة من نفحاته. من ذلك قوله تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع) فمن هم الصابرون؟ وما هو سمتهم. وما علامة صبرهم؟ هؤلاء هم الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون هذه العبارة المقدسة ذات السر العظيم ما إن تصيبك مصيبة في أي شيء حتى لو انقطع شراك نعلك فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون نتيجة هذا الصبر: اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة. نحن لا ندرك بعقولنا الأثر العظيم الذي تتركه صلوات الله تعالى على عباده ورحمته وكم أنت مهتدٍ بحكم الله تعالى لا لشيء إلا أنك قلت بعد المصيبة إنا لله وإنا اليه راجعون. أي عبارة هذه وأي سرٍ وأي رحمة عُبّئت بين حروفها حتى تجعلك مهتدياً بشهادة الله تعالى على ذلك فإذا أردت أن تنعم بهذه البشارة فعليك أن تكون يقظاً وعليك أن ترضى بقضاء الله عز وجل وأن تفرح بالبلاء كما تفرح بالنعمة لأن البلاء ليس ضرراً وإنما هو خير عظيم لك كما قال r : عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. إن هذه المصيبة مهما كانت عظيمة أو قليلة في مالك أو صحتك أو أو مهنتك أو نفسك حتى لو أُصبت بالصداع ليلة أو الحمى يوماً ما عليك إلا أن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون وتنعم بالآثار العظيمة وقد قال r في الحديث: "إذا أحبّ الله العبد أصاب منه". ومن أجل هذا يقول r الصبر مِعوَل المؤمن وهو الذي يُعوّل عليه . والمعول هو الطريق الصخري وطريق الناس الى الله تعالى صخري (فلا اقتحم العقبة) هذا الصبر هو المعول الذي تذلل به طريقك الى الله تعالى والى الجنة والى النعيم من حيث أنك قلت راضياً من قلبك بعد المصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون. والأحاديث تقول أن الله تعالى يعطيك على هذه الجملة أجراً عظيماً والأعظم من ذلك أنط كلما تذكرت مصيبتك وأحدثت لها استرجاعاً أعطاك الله تعالى من الأجر مثلما أعطاك من الأجر أول مرة. فتأمل كم من الأجر سيعطيك وكم من الرحمات ستشملك وكم أنت من المهتدين لأن الله تعالى يبشرك بهذه البشارة (وبشر الصابرين) وصف الله تعالى الصابرين أولاً الصابرين وحدد علامة صبرهم (إنا لله وإنا إليه راجعون) وأعطاهم صلوات ورحمات وشهادات بالهداية.
(لنبلونكم بشيء من الخوف والجوع) هذا الخوف من أعظم الأسباب التي تكفّر الذنوب والخطايا وما أعظم مصادر الخوف في يومنا هذا أنت تخاف من حكومة ظالمة، مستعمر، سارق، تكاليف الحياة وكثرة العيال) فحياتنا في هذا الزمان مجموعة من مصادر الخوف والخوف من المشاعر التي إذا تمكنت من المؤمن رفعت درجته وعلى المؤمن أن يتخلص منها وعليه أن يكون مطمئناً ولا يخاف إلا من الله تعالى فإذا أصابه الله تعالى بما يخيف عليه أن يقول إنا لله وإنا إليه راجعون. قال r: إن البلاء ليصيب الرجل حتى يمشي بين الناس وما عليه خطيئة. ويقول r: إن ليلة من الصداع والمليلة تذر العبد وإن ذنوبه مثل اُحُد فيصبح ما عليه خطيئة. هذه هي قضية المصائب والصبر عليها وعلامة الصبر عليها: إنا لله وإنا إليه راجعون. سرُ إنا لله وإنا إليه راجعون عظيم مثل سر لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين تقولها على هم أو غم فيفرّج الله كربك ومثل سر وأفوض أمري إلى الله يقيك الله تعالى مكر الآخرين. فالآية بجزئها المشرق نفحنا الله تعالى نفحة عظيمة وجعل أصحاب المصائب يتلذذون بالمصيبة من شدة الأجر عليها. ويبقى المؤمن متعقلاً بالله تعالى في سرائه وضرائه. والله تعالى مع العبد إذا ذكره والله تعالى مع العبد إذا انكسر قلبه والله مع العبد إذا أصابته مصيبة. تأمّل أي ربٍ يكون معك قبل أن تكون معه فماذا تنتظر من رب يكون مع عبده وهو أحنُّ عليه من أمه وأبيه والله تعالى يكره مساءة عبده المؤمن.
******************
البشارة الرابعة:
(وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا ما رزقنا من قبل)
تأمل لو دعاك ملك وكنت عنده أثيراً وجمع لك وجهاء الأرض حتى تكون في وضع لم تشهد مثله من قبل يستغرق ذهنك فتخيل لو فعل الملك معك هذا الأمر كل يوم لمدة شهر أو أكثر؟ هذا ما يحصل مع أهل الجنة وما جاء في الأحاديث الصحيحة عن الطعام في الجنة ومن تلك المظاهر في المآدب اليومية أن لأقلّ واحد من عباد الله تعالى عشرة ألاف غلام كل غلام يحمل طبقين وكل ما في الطبق الأول لا يشبه ما في الطبق الآخر فأنت تأكل في الوجبة الواحدة من عشرين ألف طبق كل طبق يختلف عن الآخر طعماً وشكلاً.
هذا عدا الغلمان الذين يخدمونك في غير طعام ومهما تخيلت فسيكون أقل من الحقيقة بمليارات المرات كما قال r : فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. هذا النعيم الذي يبشرنا الله تعالى به من بعض أوجه نعيمه أن وجبات الطعام فيها من الفخامة والنعمة أن الانسان يظن أنها من باب التكريم ولن تتكرر ولكن في الواقع في كل وجبة يحصل لك نفس التكريم هذا فقط في نعمة الطعام والشراب ناهيك عن غيرها من النعم التي لا تحيط بها قوانين الغقل. هذه بشارة الذين آمنوا وعملوا الصالحات. هناك الصالحات وهناك صالحاً (من عمل صالحاً من ذكر أو انثى) صالحاً جاءت نكرة غير معيّنة أما في قوله تعالى (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فجاءت الصالحات معرّفة بـ (أل) ويسميها النحاة للعهد الذهني أي ما في ذهنك من الصالحات والتي لا يختلف فيها مسلمان وهي أركان الدين وهي الصالحات الرئيسية التي إذا قمت بها فلا عليك ما تفعل بعدها من صالحات فالصالحات هي ما فرضه الله تعالى ويعاقب على تركها وصالحات هي السنن والنوافل وعمل صالحاً أي دعا الى الله. وعندما تُنكّر الصالحات يتكلم عن الذين يزيدون عن الفرائض بالنوافل والناس لا يتفاوتون في الصالحات كمّاً وإن تفاوتوا فيها كيفاً أما في (من عمل صالحاً) فهم يتفاوتون كمّاً وكيفاً. ومن رحمة الله تعالى أنه أناط بالأعمال الصالحات الجنة وخيرها أي الفروض من صلاة وصوم وحج وزكاة ولا تشكل عندهم عقبة والغالب في الأمة يؤديها. قال تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) والكلام عن الجنان عظيم والأحاديث في الجنة كثيرة فعلينا أن نتأكد أن نكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي نحس، الأداء في الصلاة والصوم وغيرها من الفروض عندها تستقبل استقبالاً حافلاً في الجنة على هذا النسق وهذا النمط.
*****************
البشارة الخامسة:
كل ابن آدم خطّاء : هذ قانون بشري من قوانين هذا الكون كما أنك تجوع فتأكل فأنت تخطئ فتتوب فالخطأ والخطيئة قانون من قوانينا ولا يعصم منها عبد من عباد الله تعالى إلا إذا عصمه الله تعالى لسبب خاص. فما العمل وذنوبنا تتراً على مدار الساعة واليوم والليلة؟ الله تعالى رفع الحرج عن هذه الأمة ولو طلب الله تعالى أن لا نُذنب لكان حرجاً فكيف ى نُذنب وقد خلقنا خطائين؟ لهذا قال تعالى وقوله الحق (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما) فالمسألة إذن مسألة اختيار فإن كان لا بد أن تخطئ فلتجتنب الكبائر والله تعالى لم يقل لم تفعلوا الكبائر وإنما قال إن تجتنبوا.
والاجتناب هو الابتعاد عن الكبيرة بكل ما ينبغي الابتعاد عنها فلا يكفي أنك لا تشرب الخمر وإنما يجب عليك أن لا تجلس مع قوم يشربونها وإذا كنت في مكان يشرب فيه الخمر فأعطها ظهرك ولا تلتفت اليها. ويقولون لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار. هناك كبائر وصغائر وكل مقدمات الكبائر صغائر ولكن اذا ارتكبت الكبيرة تحسب لك كل الصغائر وإن امتنعت عن الكبائر غفر الله تعالى لك كل مقدمات الكبيرة من صغائر لإذا اجتنبت الكبيرة لوجه الله عز وجلّ. من حيث أن الله تعالى جعل مكفرات الذنوب الصغيرة لا حصر لها من ساعة الاستيقاظ إلى ساعة النوم ومن ساعة الولادة الى الموت مما قد يصيب الانسان من ألم وبلاء أو ما يحده من استغفار وصلاة وذكر فالصلاة الى الصلاة كفارة لما بينها ما اجتنبت الكباشر ورمضان الى رمضان والجمعة الى الجمعة. والملاحظ في هذه الأمة أن الكبائر فيها قليلة من حيث اقترافها وأكثر المسلمون يجتنبون الكبائر فقد يخلو المسلم بامرأة مثلاً وقد يُقبّل ولكنه لا يزني وكذلك قِس على باقي الكبائر.
والكبائر في النص هي : الشرك بالله وعقوق الوالدين والتولي يوم الزح وأكل الربا وأكل مال اليتيم والسحر وقذف المحصنات هذه الكبائر منصوص عليها وقد أخذت طابعاً محداً لأنها من الخطورة بمكان. والكبائر المشمولة في الآية (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه) هي كل الذنوب التي جاء فيها نهي صريح أو وعيد مثل الغيبة (ولا يغتب بعضكم بعضا) وشهادة الزور (والذين لا يشهدون الزور) والقنوط من رحمة الله (ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون) والزنا نفسه (ولا يزنون) وكل ذنب ذُكِر في القرآن وجاء به وعيد أو تهديد يعتبر من الكبائر فإذا اجتنبته يغفر الله تعالى لك ما دونه من الصغائر في مواسم الخير (رمضان والحج) وبالهموم والأحزان والأمراض. فلا تصمد صغيرة إذا لم تصر عليها فإذا أصررت عليها صارت كبيرة.
ومن رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعل لها مواسم للمغفرة حتى من الكبائر حتى لا تعود كالثلث الأخير من الليل ونصف شعبان ويوم عرفة والتوبة النصوح والحج نفسه هذه المواسم تكفر السيئات كبيرها وصغيرها عندما تعرف ما أشد البشارة في قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما) والمدخل الكريم من حيث أنك لا تُحاسب ولا تعاتب ولا تعاقب وتدخل الجنة إذا اجتنبت الكبائر ولإن ارتكبت كبيرة تكون قد أحدثت لها استغفاراً وتوبة (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) إذا علم الله تعالى منك حسن التوبة يبدل سيئاتك حسنات.
وفي رمضان علينا أن نبادر بالتوبة لله تعالى ونفرض أن رمضان هذا قد يكون آخر رمضان لنا على هذه الدنيا فنحسّن علاقتنا بالله عز وجل ونصوم رمضان بحيث يكفّر سيئاتنا بحسن الاستغفار ورد الحقوق الى أهلها لأنه إن لم تؤدّها في الدنيا فستؤديها في الآخرة والله تعالى سبحانه يغفر ما بينه وبين العبد لكنه يحاسب على ما كان منك من تقصير في حقوق الغير وهذا الشهر هو شهر الغفران كما قال r: بَعِد عبدٌ أدرك رمضان فلم يُغفر له.